Document #1274452
HRW – Human Rights Watch (Author)
(بيروت) ـ قالت أكثر من 100 منظمة غير حكومية اليوم إن على السلطات اللبنانية الاعتراف بنقابة للعاملات المنزليات، المستبعدات من تدابير الحماية الواردة في قانون العمل اللبناني. ومن شأن كفالة حق العاملات المنزليات في حرية تكوين الجمعيات أن يساعد في تقوية تدابير الحماية القانونية للعاملات المنزليات، اللواتي تتعرض كثيرات منهن للإساءة في لبنان.
في 29 ديسمبر/كانون الأول 2014 تقدمت ستة عاملات لبنانيات بطلب لوزارة العمل لتكوين نقابة، وبدعم من منظمة العمل الدولية والفدرالية الدولية للنقابات العمالية، والاتحاد الوطني لنقابات العمال والمستخدمين في لبنان، تجمع ما يقرب من 350 عاملة منزلية من جنسيات مختلفة لحضور المؤتمر الافتتاحي للنقابة في 25 يناير/كانون الثاني 2015. لكن عضوات النقابة قلن إنهن لم تتلقين رداً على طلبهن، وندد وزير العمل سجعان قزي بالنقابة من حيث أنها غير قانونية، بحسب تقارير إعلامية.
وقال نديم حوري، نائب المدير التنفيذي لقسم الشرق الأوسط وشمال أفريقيا: "بدلاً من التنديد بمشروع النقابة، يتعين على الوزير قزي أن يمضي قدماً في الوفاء بوعود طويلة الأمد بحماية حقوق العاملات المنزليات، وتقديم منتهكي حقوق العاملات الوافدات إلى العدالة. إن هؤلاء العاملات، الأكثر استضعافاً في لبنان، بحاجة عاجلة إلى هيكل حمائي حتى يتسنى لهن المناصرة من أجل التغيير وإقامة حوار مثمر مع الحكومة وأصحاب الأعمال".
ومن شأن مشروع النقابة أن يشمل العاملات المنزليات وغيرهن من مقدمي الرعاية في دورالعجزة والمعاقين، ومقدمي خدمات النظافة في المنازل والمكاتب، وبعض الفئات المشابهة الأخرى.
وتنص المادة 7 من قانون العمل اللبناني، المعمول به في 1946، تحديداً على استبعاد العاملات المنزليات، اللبنانيات والوافدات على السواء، من تدابير الحماية المقدمة لسائر العمال. وتوظف العائلات اللبنانية ما يقدر بـ250 ألف عاملة منزلية وافدة، من سريلانكا وإثيوبيا والفلبين ونيبال في المقام الأول. وبينما تسمح المادة 92 من قانون العمل لبعض العمال الأجانب بالانضمام إلى نقابات وجمعيات، إلا أن القانون قد تم تفسيره بحيث يحظر عضوية النقابات على العاملات المنزليات وغيرهن من المستبعدين من قانون العمل. وبموجب المادة 92 يحرم جميع العمال الأجانب صراحة من الحق في انتخاب ممثلين لهم في نقابات أو الترشح كممثلين.
ونتيجة لهذا حرم آلاف العمال من الحق في حرية تكوين الجمعيات والتفاوض الجماعي، كما أن الضمانات القانونية للعمال الوافدين وبعض العمال اللبنانيين غير كافية، مما يعرضهم للإساءة والاستغلال. وعلى لبنان أن يعامل كافة العمال بما يتفق مع القانون الدولي لحقوق الإنسان، الذي يلزم جميع البلدان باحترام حق كل شخص على أراضيها في حرية تكوين الجمعيات بغير تمييز، كما قالت المنظمات.
وبالإضافة إلى غياب تدابير الحماية العمالية، تخضع العاملات المنزليات أيضاً لقواعد هجرة تقييدية تستند إلى نظام الكفالة اللبناني الذي يعرضهن لمخاطر الاستغلال ويصعّب عليهن ترك أصحاب الأعمال المسيئين. وقد أدى ارتفاع معدل وقوع الإساءات ونقص التصدي الحكومي، أدى بعدة بلدان، ومنها إثيوبيا، إلى منع مواطنيها من العمل في لبنان.
وتشمل الشكاوى الأكثر شيوعاً، التي وثقتها سفارات الدول المرسلة للعمالة والمنظمات غير الحكومية، إساءة المعاملة من جانب وكالات الاستقدام، والامتناع أو التأخر في دفع الرواتب، والحبس القسري في مكان العمل، ورفض تقديم فترات راحة أو إجازات، والتشغيل القسري، والإساءات اللفظية والبدنية. وقد أبرز تقرير لـ هيومن رايتس ووتش من سنة 2010 سجل لبنان الردئ فيما يتعلق بالمعاقبة على الإساءة إلى عاملات المنازل.
وقالت عاملة منزلية وافدة من الكاميرون، اسمها روز، حضرت المؤتمر الافتتاحي، قالت للمنظمات إن صاحب عملها صادر جواز سفرها عند وصولها إلى لبنان، وإنها أرغمت على العمل لمدة 7 أيام أسبوعياً. وتوقع روز عقد توظيف في أحد مكاتب التوثيق سنوياً، لكنه مكتوب بالعربية وهي لا تعرف ماذا يرد فيه.
قالت روز: "حين طلبت بعض التفاصيل من أصحاب عملي، قالوا لي إنه من أجل [تسجيل] إقامتي لدى [قوى] الأمن العام ولا شيء سوى هذا. لكن العمال، اللبنانيين والوافدين على السواء، يحتاجون إلى عقود عمل حقيقية تحترم حقوقنا وتضمنها. إننا ندعو الجميع في المجتمع المدني إلى الجهر باستنكار تلك الانتهاكات ومساعدتنا على الضغط من أجل التغيير".
أما كوثر، وهي لبنانية تعيش في بيروت ومارست العمل في المنازل طوال سنوات سبع منذ وفاة زوجها، فقد قالت: "كان صاحب عملي السابق يشغلني لساعات طويلة، وفي إحدى المرات رفض أن يدفع لي في نهاية الشهر، قائلاً إنه فقير ولا يملك أية نقود. لكنني أعرف أنه كان يكذب ويحاول استغلالي فقط".
تعلمت كوثر أن تدافع عن نفسها وهي تعمل الآن عند أصحاب عمل أفضل، حيث قالت: "إذا سبب لي أحدهم المشاكل الآن فإنني أملك أدوات الدفاع عن نفسي. إنني أريد استخدام النقابة لتثقيف بقية العاملات بشأن حقوقهن حتى يتسنى لهن الدفاع عن أنفسهن".
وقال مصطفى سعيد، أخصائي عمالي أول في منظمة العمل الدولية في بيروت، قال للمنظمات في مقابلة إن عاملات المنازل اللبنانيات تتحملن بدورهن ظروف عمل صعبة، واعترف بضرورة إيلاء اهتمام أكبر لتلك القضية.
ومن شأن القرار اللبناني بحرمان عاملات المنازل من الحق في تكوين نقابة أن ينتهك التزامات البلاد بموجب العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية، ولبنان طرف فيه. إن التزامات لبنان بموجب العهد، بما في ذلك تجاه غير المواطنين العاملين على التراب اللبناني، تنص على أن "لكل فرد حق في حرية تكوين الجمعيات مع آخرين، بما في ذلك حق إنشاء النقابات والانضمام إليها من أجل حماية مصالحه". ويشترط العهد أيضاً أنه "لا يجوز أن يوضع من القيود على ممارسة هذا الحق إلا تلك التي ... تشكل تدابير ضرورية في مجتمع ديمقراطي، لصيانة الأمن القومي أو السلامة العامة". ويعمل العهد على إلزام لبنان بضمان قدرة كل فرد على أراضيه على ممارسة حرية تكوين الجمعيات "بدون أي تمييز".
وبموجب إعلان الأمم المتحدة لسنة 1998 بشأن المدافعين عن حقوق الإنسان، فإن لكل فرد الحق "في تشكيل منظمات غير حكومية أو رابطات أو جماعات، والانضمام إليها والاشتراك فيها ... لغرض تعزيز وحماية حقوق الإنسان والحريات الأساسية".
وقد صوت لبنان في يونيو/حزيران 2011 لصالح تبني منظمة العمل الدولية للاتفاقية رقم 189 بشأن العمل اللائق للعمال المنزليين، وهي المعاهدة التي تحمي العاملات المنزليات، لكنه لم يتخذ حتى الآن أية خطوات للتصديق عليها أو الامتثال لها. وتعمل اتفاقية منظمة العمل الدولية على تأسيس أول معايير عالمية لما يقدر بـ50-100 مليون من العمالة المنزلية في أنحاء العالم. وبموجب المادة 3، يُكفل الحق في حرية تكوين الجمعيات لعمال المنازل.
كما أن عناصر محورية أخرى في الاتفاقية تلزم الحكومات بأن تشمل عمال المنازل بتدابير حماية عمالية مساوية لسائر العمال، بما فيها حد أدنى من الأجور والضمان الاجتماعي والحق في الاحتفاظ بجوازات سفرهم ووثائق هوياتهم، والرصد الصارم لوكالات الاستقدام، وحماية العمال من العنف. وعلى عكس الاتفاقيات الدولية الأخرى فإن اللائحة الداخلية لمنظمة العمل الدولية تحظر التصديق على اتفاقياتها مع إبداء تحفظات.
وعلى لبنان التصديق على اتفاقية منظمة العمل الدولية رقم 189 وتنفيذ بنودها، كما أن عليه التصديق على اتفاقية منظمة العمل الدولية رقم 87 بشأن الحرية النقابية وحماية حق التنظيم، التي تنص على أن "للعمال ولأصحاب العمل، دون أي تمييز، الحق دون ترخيص سابق في تكوين منظمات يختارونها، وكذلك الحق في الانضمام إليها، بشرط التقيد بلوائح هذه المنظمات". وتعد هذه الاتفاقية واحدة من اتفاقيات منظمة العمل الدولية الثماني الجوهرية. ورغم أن لبنان لم يصدق عليها إلا أنه ملزم، بموجب إعلان سنة 1998 بشأن المبادئ والحقوق الأساسية في العمل ومتابعته، باحترام وتعزيز المبادئ والحقوق الجوهرية، بما فيها الحرية النقابية والمفاوضة الجماعية، قبل تصديقه على الاتفاقيات ذات الصلة.
وقد أفادت تقارير بأن وزارة العمل قالت إنها بصدد وضع مشروع قانون جديد للعمل، استناداً إلى اتفاقية منظمة العمل الدولية رقم 189، إلا أن التفاصيل لم تنشر بعد. ورغم التصريحات العلنية المتكررة من مسؤولين لبنانيين بأنهم سيعملون على تحسين ظروف عمال المنازل الوافدين، إلا أن الإصلاحات لم تحقق شيئاً يذكر.
ويتعين على الحكومة اللبنانية تعديل قانون العمل أو تبني قانون جديد لحماية حقوق عاملات المنازل وإلغاء نظام الكفالة، كما قالت المنظمات. وينبغي في القانون الجديد لحماية عاملات المنازل، في حده الأدنى، أن يضمن لهن المساواة مع سائر العمال المشمولين بقانون العمل. كما يجب لتلك التدابير أيضاً أن تضمن الحق في الحرية النقابية وفي المفاوضة الجماعية بدون تمييز لجميع العمال.
وقد قال كاسترو عبد الله، رئيس الاتحاد الوطني لنقابات العمال والمستخدمين في لبنان: "يحصل العمال الوافدون على تأشيرة دخول قبل المجيء إلى لبنان، ويعملون هنا بصورة قانونية، فلماذا نحرمهم من حقهم الأساسي في التنظيم؟".
وقد ساعدت النقابات والمنظمات العمالية على تمرير موجة من التحسينات في قوانين العمل وإنفاذها بالنسبة لعمال المنازل في العديد من البلدان، بما في ذلك تدابير حماية تتعلق بالحد الأدنى للأجور، وساعات العمل، وفترات الراحة، والضمان الاجتماعي، والاستقدام.
وتقول الكونفدرالية الدولية للنقابات العمالية إنها سجلت تكوين نقابات جديدة لعمال المنازل في 12 بلداً على مدار السنوات الثلاثة الماضية، هي باكستان وتشيلي والباراغواي وجمهورية الدومينيكان وغواتيمالا وكوستاريكا وسريلانكا وكولومبيا ومصر وسوازيلاند وأنغولا والبرازيل.
ويتكون الاتحاد الدولي لعمال المنازل من 55 منظمة ونقابة لعمال المنازل، بما فيها منظمات من بلدان ترسل العمالة إلى لبنان مثل نيبال وإندونيسيا والفلبين. كما توجد نقابات أو منظمات عمالية عديدة أخرى تضم بين أعضائها عاملات منزليات.
ومن شأن لبنان أن يتخلف عن ركب القوة الدافعة العالمية المتنامية لتنظيم العمالة المنزلية إذا أخفق في الاعتراف بالنقابة الجديدة، بحسب المنظمات.
الموقعون:
Recognize Domestic Workers Union (Appeal or News Release, English)
Recognize Domestic Workers Union (Appeal or News Release, French)